أَحَد الْطُّلاب
فِي إِحْدَى الْجَامِعَات فِي كُوَلُومْبِيَا حَضَر أَحَد الْطُّلاب
مُحَاضَرَة مَادَّة الْرِّيَاضِيَّات ..
وَجَلَس فِي آَخِر الْقَاعَة (وَنَام بِهُدُوْء )..
وَفِي نِهَايَة الْمُحَاضَرَة اسْتَيْقَظ عَلَى أَصْوَات الْطُّلاب ..
وَنَظَر إِلَى الْسَّبُّوْرَة فَوَجَد أَن الدُّكْتُوْر كُتُب عَلَيْهَا مَسْأَلَتَيْن
فَنَقِّلْهُما بِسُرْعَة وَخَرَج مِن الْقَاعَة وَعِنْدَمَا رَجَع الْبَيْت بَدَأ يُفَكِّر فِي حِل هَذِه الْمَسْأَلَتَيْن ..
كَانَت الْمَسْأَلَتَيْن صَّعْبَة فَذَهَب إِلَى مَكْتَبَة الْجَامِعَة وَأَخَذ الْمَرَاجِع الْلَّازِمَة ..
وَبَعْد أَرْبَعَة أَيَّام اسْتَطَاع أَن يَحِل الْمَسْأَلَة الْأُوْلَى ..
وَهُو نَاقِم عَلَى الدُّكْتُوْر الَّذِي أَعْطَاهُم هَذَا الْوَاجِب الْصَّعْب !!
وَفِي مُحَاضَرَة الْرِّيَاضِيَّات الْلَّاحِقَة اسْتَغْرَب أَن الدُّكْتُوْر لَم يَطْلُب مِنْهُم الْوَاجِب ..
فَذَهَب إِلَيْه وَقَال لَه : يَا دُكْتُور لَقَد اسْتَغْرَقَت فِي حِل الْمَسْأَلَة الْأُوْلَى أَرْبَعَة أَيَّام
وَحَلَّلَتْهَا فِي أَرْبَع أَوْرَاق ..
تَعْجَب الدُّكْتُوْر وَقَال لِلْطَّالِب :
وَلَكِنِّي لَم أُعْطِكُم أَي وَاجِب !!
وَالْمَسْأَلتِّين الَّتِي كَتَبَتَهُمْا عَلَى الْسَّبُّوْرَة هِي أَمْثِلَة كَتَبْتُهَا لِلْطُّلَاب
لِلْمَسَائِل الَّتِي عَجَز الْعِلْم عَن حَلَّهَا ..!!
...
ان هَذِه الْقَنَاعَة الْسَّلْبِيَّة جُعِلْت الْكَثِيْر مِن الْعُلَمَاء لَا يُفَكِّرُوْن حَتَّى فِي مُحَاوَلَة حَل هَذِه الْمَسْأَلَة ..
وَلَو كَان هَذَا الْطَّالِب مُسْتَيْقِظُا وَسَمِع شَرَح الدُّكْتُوْر لِمَا فِكْر فِي حِل الْمَسْأَلَة .
وَلَكِن رَب نَوْمَة نَافِعَة ...
وَمَازَالَت هَذِه الْمَسْأَلَة بوَرَقَاتِهَا الْأَرْبَع مَعْرُوْضَة فِي تِلْك الْجَامِعَة...,
اعْتِقَاد بَيْن رِيَاضِيُّو الْجَرْي
قِبَل خَمْسِيْن عَام كَان هُنَاك اعْتِقَاد بَيْن رِيَاضِيُّو الْجَرْي ..
أَن الْإِنْسَان لَا يَسْتَطِيْع أَن يَقْطَع مَيْل فِي اقِل مِن أَرْبَع دَقَائِق ..
وَان أَي شَخْص يُحَاوِل كَسْر الْرَّقْم سَوْف يَنْفَجِر قَلْبِه !!
وَلَكِن أَحَد الْرِّيَاضِيِّيْن سَأَل هَل هُنَاك شَخْص حَاوَل وَانْفَجَر قَلْبِه ، فَجَاءَتْه الْإِجَابَة بِالْنَّفْي !!
فَبَدَأ بِالتَمُرْن حَتَّى اسْتَطَاع أَن يَكْسِر الْرَّقْم وَيَقْطَع مَسَافَة مَيْل فِي أَقَل مِن أَرْبَع دَقَائِق ..
فِي الْبِدَايَة ظَن الْعَالَم أَنَّه مَجْنُوْن أَو أَن سَاعَتَه غَيْر صَحِيْحَة
لَكِن بَعْد أَن رَأَوْه صَدَقُوْا الْأَمْر وَاسْتَطَاع فِي نَفْس الْعَام أَكْثَر مِن 100 رِيَاضِي ..
أَن يِكْسِر ذَلِك الْرَّقْم !!
بِالْطَّبْع الْقَنَاعَة الْسَّلْبِيَّة هِي الَّتِي مَنَعَتْهُم أَن يُحَاوِلُوْا مِن قَبْل ..
فَلَمَّا زَالَت الْقَنَاعَة اسْتَطَاعُوْا أَن يُبْدِعْوُا ..
حَقّا إِنْهَا الْقَنَاعَات
يُذْكَر أَن هُنَاك ثَلّاجَه كَبِيْرَة تَابِعَة لِشَرِكَة لِبَيْع الْمَوَاد الْغِذَائِيَّة… وَيَوْم مِن الْأَيَّام دَخَل عَامِل إِلَى الَّثَلَاجَة…وَكَانَت عِبَارَة عَن غُرْفَة كَبِيْرَة عِمْلَاقَة… دَخَل الْعَامِل لِكَي يُجَرِّد الْصَّنَادِيْق الَّتِي بِالْدَاخِل…فَجْأَة وَبِالْخْطأ أُغْلِق عَلَى هَذَا الْعَامِل الْبَاب…
طُرُق الْبَاب عِدَّة مَرَّات وَلَم يَفْتَح لَه أَحَد … وَكَان فِي نِهَايَة الْدَّوَام وَفِي آَخِر الْأُسْبُوْع…حَيْث أَن الْيَوْمَيْن الْقَادِمِيْن عُطْلَه … فَعَرَف الْرَّجُل أَنَّه سَوْف يُهْلِك…لَا أَحَد يَسْمَع طُرُقِه لِلْبَاب!!
جَلَس يَنْتَظِر مَصِيْرَه…وَبَعْد يَوْمَيْن فَتَح الْمُوَظَّفُوْن الْبَاب… وَفِعْلَا وَجَدُوْا الْرَّجُل قَد تُوُفِّي…
وَوَجَدُوْا بِجَانِبِه وَرَقَه…كُتِب فِيْهَا… مَاكَان يَشْعُر بِه قَبْل وَفَاتِه…وَجَدُوْه قَد كُتِب…
(أَنَا الْآَن مَحْبُوس فِي هَذِه الَّثَلَاجَة…أَحَس بِأَطْرَافِي بَدَأَت تَتَجَمَّد…
أَشْعُر بِتَنَمِّل فِي أَطْرَافِي…أَشْعَر أَنَّنِي لَا أَسْتَطِيْع أَن أَتَحَرَّك…أَشْعَر أَنَّنِي أَمُوْت مِن الْبَرْد…) وَبَدَأَت الْكِتَابَة تُضْعِف شَيْئا فَشَيْئا حَتَّى أَصْبَح الْخَط ضَعِيْف…الَى أَن أَنْقَطِع…
الْعَجِيْب أَن الْثَلَاجَه كَانَت مُطْفَأَه وَلَم تَكُن مُتَّصِلَة بِالْكَهْرَبَاء إِطْلاقَا !!
....
بِرَأْيِكُم مِّن الَّذِي قُتِل هَذَا الْرَّجُل؟؟
لَم يَكُن سِوَى (الْوَهْم) الَّذِي كَان يُعِيْشُه… كَان يَعْتَقِد بِمَا أَنَّه فِي الثَّلَاجَة إِذَن الْجَو بَارِد جَدَّا تَحْت الْصِّفْر…وَأَنَّه سَوْف يَمُوْت…وَاعْتِقَادِه هَذَا جَعَلَه يَمُوْت حَقِيْقَة…!!
....
لِذَلِك (أَرْجُوْكُم) لَا تَدْعُوَا الْأَفْكَار الْسَلْبِيِّة وَالإِعْتِقَادَات الْخَاطِئَه عَن أَنْفُسِنَا أَن تَتَحَكَّم فِي حَيَاتِنَا… نَجْد كَثِيْر مِن الْنَّاس قَد يَحْجُم عَن عَمِل مَا مِن أَجْل أَنَّه يَعْتَقِد عَن نَفْسِه أَنَّه ضَعِيْف وَغَيْر قَادِر وَغَيْر وَاثِق مِن نَفْسِه…وَهُو فِي الْحَقِيقَة قَد يَكُوْن عَكْس ذَلِك تَمَامَا…
الْفِيِل وَالْحَبْل الْصَّغِيْر
كُنْت أُفَكِّر ذَات يَوْم فِي حَيَوَان الْفِيِل، وَفَجْأَة اسْتَوْقَفَتْنِي فِكْرَة حَيَّرَتْنِي وَهِي حَقّيِقَة أَن هَذِه الْمَخْلُوْقَات الْضَّخْمَة قَد تَم تَقْيِيْدُهَا فِي حَدِيْقَة الْحَيَوَان بِوَاسِطَة حَبْل صَغِيْر يُلَف حَوْل قَدِم الْفِيِل الأَمَامِيَّة، فَلَيْس هُنَاك سَلَاسِل ضَخْمَة وَلَا أَقْفَاص.. كَان مِن الْمُلَاحَظ جَدَّا أَن الْفِيِل يَسْتَطِيْع وُبِبَسَاطَة أَن يَتَحَرَّر مِن قَيْدِه فِي أَي وَقْت يَشَاء لَكِنَّه لِسَبَب مَا لَا يُقْدِم عَلَى ذَلِك!
شَاهَدْت مُدَرِّب الْفِيِل بِالْقُرْب مِنْه وَسَأَلْتُه:
لَم تَقِف هَذِه الْحَيَوَانَات الْضَّخْمَة مَكَانَهَا وَلَا تَقُوْم بِأَي مُحَاوَلَة لِلْهَرَب؟
حَسَنَا، أَجَاب الْمُدَرَّب:
حِيْنَمَا كَانَت هَذِه الْحَيَوَانَات الْضَّخْمَة حَدِيْثَة الْوِلادَة وَكَانَت أَصْغَر بِكَثِيْر مِّمَّا هِي عَلَيْه الْآَن،
كُنَّا نَسْتَخْدِم لَهَا نَفْس حَجْم الْقَيْد الْحَالِي لنَرَبَطِهَا بِه.
وَكَانَت هَذِه الْقُيُوْد - فِي ذَلِك الْعُمْر- كَافِيَّة لتَّقْيِيدِهَا..
وَتَكْبُر هَذِه الْحَيَوَانَات مُعْتَقِدَة أَنَّهَا لَا تَزَال غَيْر قَادِرَة عَلَى فَك الْقُيُوْد وَالْتَّحَرُّر مِنْهَا بَل تَظَل عَلَى اعْتِقَاد أَن الْحَبْل لَا يَزَال يُقَيِّدُهَا وَلِذَلِك هِي لَا تُحَاوِل أَبَدا أَن تَتَحَرَّر مِنْه ، كُنْت مُنْدَهِشَا جَدَّا.
هَذِه الْحَيَوَانَات - الَّتِي تُمْلَك الْقُوَّة لِرَفْع أَوْزَان هَائِلَة- تَسْتَطِيْع وُبِبَسَاطَة أَن تَتَحَرَّر مِن قُيُوْدِهَا، لَكِنَّهَا اعْتَقَدْت أَنَّهَا لَم تَسْتَطِع فَعُلِّقَت مَكَانَهَا كَحَيَوَان الْفِيِل، الْكَثِيْر مِنَّا أَيْضا يَمْضُون فِي الْحَيَاة مُعَلِّقِيْن بِقَنَاعَة مَفَادُهَا أَنَّنَا لَا نَسْتَطِيْع أَن نُنْجِز أَو نُغَيِّر شَيْئا وَذَلِك بِبَسَاطَة لِأَنَّنَا نَعْتَقِد أَنَّنَا عَاجِزُوْن عَن ذَلِك، أَو أَنَّنَا حَاوَلْنَا ذَات يَوْم وَلَم نُفْلِح.
حَاوَل أَن تَصْنَع شَيْئا.. وَتُغَيِّر مِن حَيَاتِك بِشَكْل إِيْجَابِي وَبِطَرِيْقَة إِيْجَابِيَة
فِي حَيَاتِنَا تُوْجَد كَثِيْر مِن الْقَنَاعَات الْسَلَبِيَّة الَّتِي نَجْعَلُهَا (شَمَّاعَة لِلْفَشَل) ..
فَكَثِيْرَا مَا نَسْمَع كَلِمَة : مُسْتَحِيْل , صَعْب , لَا أَسْتَطِيْع ...
وَهَذِه لَيْسَت إِلَا قَنَاعَات سَالِبَة لَيْس لَهَا مِن الْحَقِيقَة شَيْء ..
وَالْإِنْسَان (الْجَاد) , (الْمُتَوَكِّل عَلَى الْلَّه ) يَسْتَطِيْع الْتَخَلُّص مِنْهَا بِسُهُوْلَة...
فَلِمَاذَا لانْكْسر تِلْك الْقَنَاعَات الْسَّالِبَة بِإِرَادَة مِن حَدِيْد
نْشَق مِن خِلَالَهَا طَرِيْقِنَا نَحْو "الْقِمَّة ''