تَمُر الْأَيَّام مِن عَام إِلَى عَام تُحَمِّل لَنَا الْبُشْرَى بِقُدُوْم شَهْر رَمَضَان الْمُبَارَك، وَتَنْثُر بَيْن يَدَيْه أَنْوَاع الْبِر وَالْرَّحْمَة وَالْمَغْفِرَة وَالْعِتْق مِن الْنَّار، وَتُنْشَر فِيْه قِيَم الْحُب وَالْإِخَاء وَالْسَّمَاحَة وَالْصَّبْر وَالْجُوْد وَالْكَرَم، وَتَرْفَع دَرَجَات الْمُؤْمِنِيْن، وَتُزَكِّي أَخْلَاق الْصَّائِمِيْن، رَحْمَة مِّن رَب الْعَالَمِيْن.
يَقُوْل الْحَسَن الْبَصْرِي (رَحِمَه الْلَّه): "إِن الْلَّه جَعَل شَهْر رَمَضَان مِضْمَارَا لِخَلْقِه يَسْتَبِقُوْن فِيْه بِطَاعَتِه إِلَى مَرْضَاتِه، فَسَبَق قَوْم فَفَازُوْا، وَتَخْلُف آَخَرُون فَخَابُوْا! فَالْعَجَب مِن الَّلَاعِب الْضَّاحِك فِي الْيَوْم الَّذِي يَفُوْز فِيْه الْمُحْسِنُوْن! وَيَخْسَر فِيْه الْمُبْطِلُوْن" !
فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِم أَلَا يَفْرُط فِي مَوَاسِم الطَّاعَات، وَأَن يَكُوْن مَن الْسَّابِقِيْن إِلَيْهَا وَمِن الْمُتَنَافِسَيْن فِيْهَا، قَال الْلَّه تَعَالَى: (وَفِي ذَلِك فَلْيَتَنَافَس الْمُتَنَافِسُون) الْآَيَة .الْمُطَفِّفِيْن: 26.
فَالَمُسْلِم حَرِيْص عَلَى اسْتِقْبَال رَمَضَان و الْاسْتِعْدَاد لَه , و إِلَيْك أَخِي الْكَرِيْم بَعْض الْوَسْائِل و الْطُّرُق الَّتِي تُعِيْنُك عَلَى الْإِفَادَة مِن شَهْر رَمَضَان :
1- أَوَّلَا : الْدُّعَاء بِأَن يَبْلُغْك الْلَّه شَهْر رَمَضَان وَأَنْت فِي صِحَّة وَعَافِيَة، حَتَّى تُنْشَط فِي عِبَادَة الْلَّه تَعَالَى، مِن صِيَام وَقِيَام وَذَكَر، فَقَد رُوِي عَن أَنَس بْن مَالِك – رَضِي الْلَّه عَنْه – أَنَّه قَال كَان الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم إِذَا دَخَل رَجَب قَال: (الْلَّهُم بَارِك لَنَا فِي رَجَب وَشَعْبَان وَبَلِّغْنَا رَمَضَان) (رَوَاه أَحْمَد وَالْطَّبَرَانِي). وَكَان الْسَّلَف الْصَّالِح يَدْعُوَن الْلَّه أَن يَبْلُغَهُم رَمَضَان، ثُم يَدَّعُوْنَه أَن يَتَقَبَّلَه مِنْهُم, لِذَلِك كَان يَقُوْل ابْن رَجَب (رَحِمَه الْلَّه): "قُلُوْب الْمُتَّقِيْن إِلَى هَذَا الْشَّهْر تَحِن، وَمَن أَلَم فِرَاقُه تَئِن".
فَإِذَا أُهِل هِلَال رَمَضَان فَادْع الْلَّه وَقُل: (الْلَّه أَكْبَر، الْلَّهُم أَهِلَّه عَلّيْنَا بِالْأَمْن وَالإِيْمَان، وَالْسَّلامَة وَالْإِسْلَام، وَالتَّوْفِيْق لِمَا تُحِب وَتَرْضَى رَبِّي وَرَبُّك الْلَّه) رَوَاه الْتِّرْمِذِي، وَالْدَّارِمِي، وَصَحَّحَه ابْن حَيَّان.
2- ثَانِيا: الْحَمْد وَالْشُّكْر عَلَى بُلُوْغِه، و إِظْهَار الْفَرَح و الْبَهْجَة بِقُدُوْمِه , قَال الْنَّوَوِي -رَحِمَه الْلَّه- فِي كِتَاب الْأَذْكَار: (اعْلَم أَنَّه يُسْتَحَب لِمَن تَجَدَّدَت لَه نِعْمَة ظَاهِرَة، أَو انْدَفَعْت عَنْه نِقْمَة ظَاهِرَة أَن يَسْجُد شُكْرَا لِلَّه تَعَالَى، أَو يَثُنِّي بِمَا هُو أَهْلُه) , وَإِن مِّن أَكْبَر نِعَم الَّلَه عَلَى الْعَبْد تَوْفِيْقِه لِلْطَّاعَة، وَالْعِبَادَة فَمُجَرَّد دُخُوْل شَهْر رَمَضَان عَلَى الْمُسَلِّم وَهُو فِي صِحَّة جَيِّدَة هِي نِعْمَة عَظِيْمَة، تَسْتَحِق الْشُكْر وَالْثّنَاء عَلَى الْلَّه الْمُنْعَم الْمُتَفَضِّل بِهَا، فَالْحَمْد لِلَّه حَمَّدا كَثِيْرا كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَال وَجْهِه وَعَظِيْم سُلْطَانِه.
وَلَقَد ثَبَت عَن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم أَنَّه كَان يُبَشِّر أَصْحَابَه بِمَجِيْء شَهْر رَمَضَان فَيَقُوْل: (جَاءَكُم شَهْر رَمَضَان، شَهْر رَمَضَان شَهْر مُبَارَك كَتَب الْلَّه عَلَيْكُم صِيَامَه فِيْه تُفْتَح أَبْوَاب الْجِنَان وَتُغْلَق فِيْه أَبْوَاب الْجَحِيْم...) الْحَدِيْث. (أَخْرَجَه أَحْمَد).
وَيَقُوْل الْإِمَام ابْن رَجَب (رَحِمَه الْلَّه): "هَذَا الْحَدِيْث أَصْل فِي تَهْنِئَة الْنَّاس بَعْضُهُم بَعْضَا بِشَهْر رَمَضَان، كَيْف لَا يُبَشَّر الْمُؤْمِن بِفَتْح أَبْوَاب الْجِنَان؟! كَيْف لَا يُبَشَّر الْمُذْنِب بِغَلْق أَبْوَاب الْنِّيْرَان؟! كَيْف لَا يُبَشَّر الْعَاقِل بِوَقْت تُغِل فِيْه الْشَّيَاطِيْن؟!".
وَقَد كَان سَلَفُنَا الْصَّالِح مِن صَحَابَة رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَالْتَّابِعِيْن لَهُم بِإِحْسَان يَهْتَمُّوْن بِشَهْر رَمَضَان، وَيَفْرَحُوْن بِقُدُوْمِه، وَأَي فَرَح أَعْظَم مِن الْإِخْبَار بِقُرْب رَمَضَان مَوْسِم الْخَيْرَات، وَتَنْزِل الْرَّحَمَات.
3- ثَالِثا . الْعَزْم عَلَى تَرْك الْذُّنُوب وَالْتَّوْبَة:فَرَمَضَان يُعْتَبَر الْبِدَايَة الْحَقِيقِيَّة لِلْعَام؛ إِذ تُرْفَع أَعْمَال الْعَام فِي شَهْر شَعْبَان، وَمَن ثُم يَكُوْن رَمَضَان بِدَايَّة سُنَّة جَدِيْدَة بَعْد رَفْع الْأَعْمَال، وَمَن ثُم يَحْتَاج الْوَاحِد مِنَّا إِلَى فَتْح صَفْحَة جَدِيْدَة بَيْضَاء نَقِيَّة مَع الْلَّه، وَهَذَا يَقْتَضِي مِنْه الْتَّوْبَة مِن جَمِيْع الْذُّنُوب، وَالْإِقْلَاع عَنْهَا، وَعَدَم الْعَوْدَة إِلَيْهَا، فَهُو شَهْر الْتَّوْبَة، فَمَن لَم يَتُب فِيْه فَمَتَى يَتُوْب؟! قَال الْلَّه تَعَالَى: (وَتُوْبُوْا إِلَى الْلَّه جَمِيْعَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُوْن لَعَلَّكُم تُفْلِحُوْن) [الْنُّوْر:31]، وَيَقُوْل: (يَا أَيُّهَا الَّذِيْن آَمَنُوْا تُوْبُوْا إِلَى الْلَّه تَوْبَة نَّصُوْحا) [الْتَّحْرِيْم: 8].
4 – رَابِعا : خَطَّط مُسْبَقَا لِلْاسْتِفَادَة مِن رَمَضَان:
فَكَثِيْر مِن الْنَّاس يُخَطِّطُوْن تَخْطِيْطا دَقِيْقا لِأُمُور الْدُّنْيَا، وَلَكِن قَلِيْلِين هُم الَّذِيْن يَخَطِّطُون لِأُمُور الْآَخِرَة، وَمِن أَمْثِلَة الْتَّخْطِيْط لَلْآَخِرَة, الْتَّخْطِيْط لِاسْتِغْلال رَمَضَان فِي الطَّاعَات وَالْعِبَادَات، فَضَع بَرْنَامِجَا عَمَلِيّا لِاغْتِنَام أَيَّام وَلَيَالِي رَمَضَان فِي طَاعَة الْلَّه تَعَالَى، وَقُسِّم وَقْتَك بَيْن الْأَسِرَّة، وَالْقِرَاءَة، وَالْنَّوْم، وَالْصَّلَوَات، وَالَزِّيَارَات... إِلَخ، وَكُن مِنَظَّمَا، وَلَا تَكُن عَشْوَائِيا تَتْرُك نَفْسَك لِلْظُرُوف.
5 – خَامِسَا : قُم بِإِعْدَاد بَرْنَامَج خَاص لِلْدُّعَاء وَالْذِّكْر:
حَدِّد فِيْه مَطَالِبِك، وَاكْتُب أَدْعِيَتَك وَأذْكارَك، وَاحْرِص عَلَى أَن تَجْعَل لَك ذِكْرا وَتَسْبِيْحا دُبِّر كُل فِعْل تَقُوْم بِه، وَدُبُر كُل صَلَاة، وَقَبْل الْنَّوْم وَبَعْدَه، وَفِي الْأَوْقَات الْبَيْنِيَّة، وَبَيْن الْأَعْمَال الْحَيَاتِيّة، وَفِي أَثْنَاء الْخُرُوْج وَالْدُّخُوْل مِن الْبَيْت أَو الْعَمَل أَو مَحَل الْدِّرَاسَة، وَفِي أَثْنَاء الْسَّيْر، وَالْأَعْجَب مِن ذَلِك أَن تَذْكُر الْلَّه مَع كُل حَرَكَة تَقُوْم بِهَا أَثْنَاء عَمَلُك.
6- سَادِسا: عقِد الْعَزْم الصَّادِق عَلَى اغْتِنَامِه وَعِمَارَة أَوْقَاتَه بِالْأَعْمَال الْصَّالِحَة، فَمَن صَدَق الْلَّه صِدْقُه وَأَعَانَه عَلَى الْطَّاعَة وَيُسْر لَه سُبُل الْخَيْر، قَال الْلَّه عَز وَجَل: (فَلَو صَدَقُوْا الْلَّه لَكَان خَيْرَا لَهُم) مُحَمَّد: 21.
قَال الْإِمَام ابْن رَجَب: "فَإِذَا اشْتَد تَوَقَان الْنَّفْس إِلَى مَا تَشْتَهِيْه مَع قُدْرَتِهَا عَلَيْه، ثُم تَرَكْتُه لِلَّه عَز وَجَل فِي مَوْضِع لَا يَطْلُع عَلَيْه إِلَّا الْلَّه، كَان ذَلِك دَلِيْلا عَلَى صِحَّة الْإِيْمَان".
7 – سَابِعا : ابْدَأ بِقُوَّة وَهِمَّة وَنَشَاط:
فَالبِدَايَات الْقَوِيَّة تَوَصَّلُك إِلَى أَبْعَد مَدَى (يَا يَحْيَى خُذ الْكِتَاب بِقُوَّة) [مَرْيَم: 12]، وَأَمَّا إِذَا كَانَت الْبِدَايَة ضَعِيْفَة فَإِن أَي نَقُص يَطْرَأ عَلَيْهَا يُعِيْدُهَا إِلَى نُقْطَة الْصِّفْر أَو قَرِيْبا مِنْهَا، يَقُوْل ابْن عَطَاء الْلَّه الْسَّكَنْدَرِي: "مَن حَسُنَت بِدَايَاتِه حَسُنَت نِهَايَاتِه".
8- ثَامِنا: الْعِلْم وَالْفِقْه بِأَحْكَام رَمَضَان و فَضَائِلَه ، فَيَجِب عَلَى الْمُؤْمِن أَن يُعْبَد الْلَّه عَلَى عِلْم، وَلَا يُعْذَر بِجَهْل الْفَرَائِض الَّتِي فَرَضَهَا الْلَّه عَلَى الْعِبَاد، وَمِن ذَلِك صَوْم رَمَضَان فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِم أَن يَتَعَلَّم مَسَائِل الْصَّوْم وَأَحْكَامِه قَبْل مَجِيْئِه، لِيَكُوْن صَوْمَه صَحِيْحا مَقْبُوْلَا عِنْد الْلَّه تَعَالَى: (فَاسْأَلُوْا أَهْل الْذِّكْر إِن كُنْتُم لَا تَعْلَمُوْن) الْأَنْبِيَاء:7
و يَطَّلِع الْمُسْلِم عَلَى فَضَائِل الْصَّوْم وَأَحْكَامِه حَتَّى تَتَهَيَّأ الْنَّفْس لِلْطَّاعَة فِيْه فَكَان الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم يُهَيِّئ نُفُوْس أَصْحَابِه لِاسْتِغْلال هَذَا الْشَّهْر، فَيَقُوْل فِي آَخِر يَوْم مِن شَعْبَان: جَاءَكُم شَهْر رَمَضَان... إِلَخ الْحَدِيْث أَخْرَجَه أَحْمَد وَالْنَّسَائِي
9 – تَاسِعا : اسْتَعِن بِاللَّه وَلَا تَعْجِز:
فَالَمُسْلِم مَحّتَاج إِلَى الِاسْتِعَانَة بِالْلَّه، فَإِن طَلَبَهَا أَعَانَه الْلَّه عَز وَجَل، وَإِن تَرَك الاسْتِعَانَة بِالْلَّه وَاسْتَعَان بِغَيْرِه وَكَلَه الْلَّه إِلَى مَن اسْتَعَان بِه فَصَار مَّخْذُوْلا.
إِذَا لَم يَكُن عَوْن مِن الْلَّه لِلْفَتَى فَأَوَّل مَا يَقْضِي عَلَيْه اجْتِهَادُه
10 – عَاشِرا : تُعَرَّف عَلَى جَهْد الْصَّحَابَة وَالْسَّلَف:
فَكَان سُفْيَان الْثَّوْرِي إِذَا دَخَل رَمَضَان تُرِك جَمِيْع الْأَعْمَال وَأَقْبَل عَلَى قِرَاءَة الْقُرْآَن، وَكَان الْوَلِيّد بْن عَبْد الْمَلِك يُخْتَم فِي كُل ثَلَاث، وَخَتَم فِي رَمَضَان سَبْع عَشْرَة خَتْمَة.
وَقَال الرَّبِيْع بْن سُلَيْمَان: كَان الْشَّافِعِي يَخْتِم الْقُرْآَن فِي شَهْر رَمَضَان سِتِّيْن خَتْمَة وَفِي كُل شَهْر ثَلَاثِيْن خَتْمَة.
وَكَان مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيْل الْبُخَارِي يُخْتَم فِي رَمَضَان فِي الْنَّهَار كُل يَوْم خَتْمَة، وَيَقُوْم بَعْد التَّرَاوِيْح كُل ثَلَاث لَيَال بِخَتْمَة.
قَال ابْن رَجَب الْحَنْبَلِي: "وَإِنَّمَا وَرَد الْنَّهْي عَن قِرَاءَة الْقُرْآَن فِي أَقَل مِن ثَلَاث عَلَى الْمُدَاوَمَة عَلَى ذَلِك، فَأَمَّا فِي الْأَوْقَات الْمُفَضَّلَة كَشَهْر رَمَضَان، وَخُصُوْصا الْلَّيَالِي الَّتِي تَطْلُب فِيْهَا لَيْلَة الْقَدْر، أَو فِي الْأَمَاكِن الْمُفَضَّلَة كَمَكَّة لِمَن دَخَلَهَا مِن غَيْر أَهْلِهَا، فَيُسْتَحَب الْإِكْثَار فِيْهَا مِن تِلَاوَة الْقُرْآَن؛ اغْتِنَامَا لِلْزَّمَان وَالْمَكَان، وَهَذَا قَوْل أَحْمَد وَإِسْحَاق وَغَيْرِهِمَا مِن الْأَئِمَّة، وَعَلَيْه يَدُل عَمَل غَيْرِهِم".
1 1 – جَاهِد نَفْسَك وَامْتَنَع عَن عَادَاتِك الْسَّيِّئَة:
مِثْل: الْسَّهَر الْعَابِث، وَالْنَّوْم الْمُفْرِط، وَالْطَّعَام الْكَثِيْر، وَالْإِعْلَام الْهَابِط، وَالْتَّسَوُّق الْشَّرِه، وَغَيَّر ذَلِك مِمَّا لَا تَبْقَى مَعَه قُوَّة الْهِمَّة فِي الطَّاعَات، فَجَاهِد نَفْسَك مِن الْآَن حَتَّى تَنْتَصِر عَلَى كُل هَذِه الَصُّعُوْبَات، فَمَن جَد وَجَد، وَمَن زَرَع حَصَد.
12 – هُيِّئ نَفْسِك جَيِّدَا لِلْدَّعْوَة إِلَى الْلَّه:
فَالَّنُّفُوْس مُهَيَّأَة، وَالْقُلُوْب مَفْتُوْحَة، وَالْشَّيَاطِيْن مُصَفَّدَة، وَالْدَّعْوَة إِلَى الْلَّه عَز وَجَل مِن أَفْضَل الْأَعْمَال وَأَجَلِّهَا وَأَحْسَنَهَا وَأَزْكَاهَا، وَكَيْف لَا تَكُوْن كَذَلِك وَقَد قَال سُبْحَانَه: (وَمَن أَحْسَن قَوْلَا مِّمَّن دَعَا إِلَى الْلَّه وَعَمِل صَالِحَا وَقَال إِنَّنِي مِن الْمُسْلِمِيْن) [فُصِّلَت: 33]، وَيُمْكِنُك أَن تَقُوْم بِتَجْهِيز بَعْض هَدَايَا رَمَضَان وَتَوَزُّعِهِا عِنْد دُخُوْل الْشَّهْر الْكَرِيم عَلَى الْمُصَلِّيْن وَأَهْل الْحَي، وَتَذَكَّر الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِيْن، وَاعْمَل عَلَى بَذْل الْصَّدَقَات وَالْزَّكَاة لَهُم.
13 - اجْتَهِد أَن تَصُوْم رَمَضَان مَرَّتَيْن:
وَذَلِك بِتَفَطَّيّر صَائِم كُل يَوْم إِن سَمَحَت ظُرُوْفِك وَلَو بِالْقَلِيْل؛ لَقَوْل رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه و سَلَّم : "مَن فَطَّر صَائِما كَان لَه مِثْل أَجْرِه، غَيْر أَنَّه لَا يَنْقُص مِن أَجْر الْصَّائِم شَيْئا" . (رَوَاه مُسْلِم).
14 - ضَع لِنَفْسَك وَرَد مُحَاسَبَة يَوْمِيّا:
فَلَا تَتَهَاوَن فِي مُحَاسَبَة نَفْسَك عَلَى أَي تَقْصِيْر؛ لِأَن نَفْسَك إِن لَم تَشْغَلْهَا بِالْحَق شَغَلَتْك بِالْبَاطِل، وَحَبَّذَا لَو حَرَصْت عَلَى هَذِه الْمُحَاسَبَة بَعْد رَمَضَان.
15 – الْزَم الصُّحْبَة الْمُؤْمِنَة:
الَّتِي تُعِيْنُك عَلَى الِالْتِزَام بِبَرَامِج وَأَهْدَاف رَمَضَان، مَع الْتَّعَاهُد عَلَيْهَا، وَالتَّذْكِيْر بِهَا، وَالْمُرَاجَعَة لَهَا؛ فَالَمَرْء قَلِيْل بِنَفْسِه كَثِيْر بِإِخْوَانِه.
وَمَن فَوَائِد الصُّحْبَة الْطَّيِّبَة أَنَّهَا تَأْخُذ بِيَدَيْك إِذَا نَهَضَت، وَتُعِيِنك إِذَا تَكَاسَلُت، كَمَا وَرَد فِي الْأَثَر: "اصْحَب مَن إِذَا ذُكِرْت الْلَّه أَعَانَك، وَإِذَا نَسِيَت ذَكَّرَك".
وَيَقُوْل سُفْيَان الْثَّوْرِي (رَحِمَه الْلَّه): "لِيَكُن جَلِيْسِك مَن يُزْهِدُك فِي الْدُّنْيَا وَيُرَغِّبُك فِي الْآَخِرَة، وَإِيَّاك وَمُجَالَسَة الَّذِيْن يَخُوْضُوْن فِي حَدِيْث الْدُّنْيَا؛ فَإِنَّهُم يُفْسِدُوْن عَلَيْك دِيْنَك وَقَلْبَك" .
فَاللَّهُم بَلِّغْنَا رَمَضَان، وَتَقَبَّلْه مِنّا ، و أَعِنَّا فِيْه عَلَى الصِّيَام و الْقِيَام و غَض الْبَصَر و حِفْظ الْلِّسَان ، وَاجْعَلْنَا فِيْه مِن عُتَقَائِك مِن الْنِّيْرَان . إِنَّك أَنْت الْسَّمِيْع الْعَلِيْم.