هدد وزير الحرب الإسرائيلي ايهود باراك بضرب مؤسسات الحكومة اللبنانية في حال بادر حزب الله إلى قصف تل ابيب بالصواريخ، مشيرا إلى ان الجيش الإسرائيلي لن يلاحق كل مقاتل في حزب الله وكل منصة صواريخ، ومعتبرا أن كون الحكومة اللبنانية تسمح لحزب الله بالتسلح يجعل استهداف مؤسساتها أمراً مشروعا.
رغم ان التهديد الإسرائيلي باستهداف البنية التحتية اللبنانية ليس جديدا الا ان توقيته وتزامنه مع مسارات سياسية شهدها ويشهدها لبنان والمنطقة يستدعي التوقف عند بعض ما ينطوي عليه هذا الموقف؟.
في الاطار العام، يلاحظ ان موقف باراك التهديدي أتى في سياق مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية، شملت كافة الساحات الإقليمية (سوريا وإيران والسلطة الفلسطينية إضافة إلى لبنان) التي تحظى باهتمام الكيان الإسرائيلي، وبالتزامن مع زيارة بدأها إلى الولايات المتحدة لبحث كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك.
في التفصيل، يمكن الإشارة إلى ان تهديدات باراك لم تكن ابتدائية وانما أتت ردا على سؤال وجهته الصحيفة إليه، حول معنى تهديدات سابقة له بتحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية أي عملية يقوم بها حزب الله ضد "إسرائيل".
في سياق جوابه حرص باراك على التأكيد على ان "إسرائيل" لن تكرر الالتزام بالضابطة التي حددتها في حينه إدارة بوش خلال حرب العام 2006، بتجنب استهداف البنية التحتية للدولة اللبنانية من اجل عدم المس بحكومة السنيورة في سياق الحرب، كما أوضحت الصحيفة نفسها.
لكن في المقابل يلاحظ أن حديث باراك عن أن "إسرائيل" لن تلاحق، في حال تم استهداف تل ابيب بالصواريخ، كل مقاتل في حزب الله أو كل منصة إطلاق صواريخ، ينطوي ايضا على إقرار بعجز الجيش الإسرائيلي عن القيام بهذه المهمة وبأن محاولة ردع حزب الله من خلال هذا الأسلوب غير مجدية. ويكشف عن أن الخطة الإسرائيلية تقوم على أساس محاولة تأليب الرأي العام اللبناني على حزب الله عبر تقديمه، بشكل مدروس، على انه هو من دفع "إسرائيل" إلى تدمير المنشآت اللبنانية.
في كل الأحوال، تجدر الإشارة إلى حقيقة أن باراك يدرك مسبقا بأنه ليس من استراتيجية حزب الله المبادرة إلى قصف تل أبيب ابتداء، وانما كجزء من رد على اعتداء إسرائيلي يتجاوز فيه الخطوط الحمراء المحددة من قبله (حزب الله). من هنا فإن المشهد المتشكل يصبح كالآتي:
حزب الله لا يقصف تل أبيب إلا في حال قصفت "إسرائيل" الضاحية الجنوبية مثلا أو أي قصف يتجاوز فيه العدو خطوط حمراء محددة، و"إسرائيل" في المقابل لا تقصف المنشآت اللبنانية إلا في حال قصف حزب الله تل أبيب. وعليه تنطوي تهديدات باراك على إقرار بمعادلة الردع التي أرساها حزب الله بل وتشكل تكريسا لها. وفي بعد آخر تشكل التهديدات التي أطلقها وزير الحرب الإسرائيلي، تراجعا إسرائيليا إلى الوراء أكثر من كونها موقفا هجوميا كما قد يظهر للوهلة الأولى. إذ بعدما كانت هذه التهديدات تطلق في مواجهة أي عملية تستهدف الأراضي الإسرائيلية أو في سياق تدهور امني على الحدود الشمالية، يمكن القول أن الخطوط الحمراء للعدو تراجعت إلى قصف تل أبيب تحديدا، التي يستدعي استهدافها بالصواريخ كما يقول باراك، ضرب البنية التحتية اللبنانية.